معالج جديد من شركة إنتل يهدف إلى استخدام الحوسبة الكمية
تعمل شركة إنتل التي تنتج
شرائح الحواسيب، على إطلاق معالج كمي جديد من السيليكون، ومن المخطط إتاحته قريبًا
لمجموعة مختارة من الجامعات وبعض المؤسسات في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك
لتوفير فرصة للمزيد من الباحثين بإجراء تعديلات مباشرة على أجهزة الحوسبة الكمية.
وبتقديمه ضعف البتات الكمية (qubit) مقارنةً بالجهاز الذي أعلن عنه في أكتوبر 2022، من المأمول أن
يزيد التقدم في أبحاث الحوسبة الكمية وتقريب تقنياتها من الواقع العملي؛ ومع
إن التقدم في الحوسبة الكمية كبير، فإن الأجهزة المرتبطة ما زالت نماذج أولية، أو
بيانًا للفكرة أكثر من كونها أجهزة عملية، فهي تعاني أخطاء ومشكلات في الاستقرار
وتتطلب ظروفًا مخبرية خاصة.
البنية الأساسية والهدف
تتكون وحدة المعالجة الكمية (QPU) التي طورتها شركة إنتل من 12 بت كمي (qubits) تحت اسم (Tunnel Falls)، وتهدف إلى جذب علماء العالم في السعي إلى الوصول إلى الإمكانات
الكاملة وراء الحوسبة الكمية؛ ويصرح "جيم كلارك" بوصفه مدير الأجهزة
الكمومية في إنتل:
«إن شريحة Tunnel
Falls السيليكونيّة من إنتل هي أكثر الشرائح
الكميّة تقدمًا حتى الآن، وتعتمد على عقود الخبرة الطويلة للشركة في تصميم الدارات
والتصنيع … إطلاق الشريحة الجديدة هو الخطوة التالية ضمن الاستراتيجية طويلة
الأَجَل لإنتل في بناء نظام حوسبة كميّة تجاري متكامل».
ويشكّل الكيوبت (البت الكمّي)
كذلك الوحدة الأساسية في الحوسبة الكمية، وفق ذات المبدأ الذي يشكّل فيه البت
الوحدة الحسابية الأساسية في الحواسيب التقليدية؛ ويكمن الاختلاف بين البتات
العادية والكمية بأن البت العادي يمثّل نظام العد الثنائي فقط (الصفر والواحد)،
وبتشكيل سلاسل منه بالوسع استخدامها في تخزين المعلومات وتأدية عمليات منطقية
بسيطة.
أما البت الكمي فيمثل مزيجًا
معقدًا من الحالات، وبالوسع استخدام هذه الأنظمة في تنفيذ عمليات فريدة قد تستغرق
وقتًا كبيرًا غير عملي عند تنفيذها باستخدام البتات العادية؛ وتتبع
بضع الشركات (مثل Google و IBM) نهجًا مختلفًا عن شركة إنتل، وهو الوصول إلى إصدارات قوية من
الحوسبة الكمية عن بعد، وذلك باستخدام برامج عوضًا عن التوزيع الفيزيائي للجهاز
ذاته.
الحوسبة الكمية وشرائح السيليكون
وتريد إنتل تسهيل الانتقال إلى
الحوسبة الكمية، وذلك بالمراهنة على شرائح المعالجات الكمية (QPUs) من السيليكون كما في المعالجات التقليدية الموجودة في حواسيب
اليوم؛ وقد ذكرت مجلة Nature Electronics: «قد يكون السيليكون المنصة ذات
الإمكانيات الأكبر نحو الوصول إلى الحوسبة الكمية الموسعة».
ومثلما توجد طرق مختلفة لتخزين
المعلومات الثنائية، توجد أيضًا طرق مختلفة لعزل البتات الكمية وربطها وقراءتها،
ففي الشرائح التي تقدمها شركة إنتل (ومن ضمنها Tunnel
Falls)، تعمل هياكل صغيرة (تُعرف بالنقاط الكمية)
على الإحاطة بالإلكترونات المفردة وحجزها لتُستخدم فيما بعد في تخزين المعلومات
الكمية وقراءتها، وذلك بفضل خاصية الدوران التي تملكها.
وتشير الشركة إلى أن إنتاج هذه
الشرائح ممكن ببضع تعديلات بسيطة على خطوط الإنتاج العادية لدى إنتل، ما يجعل
عملية إنتاجها أسهل مما قد رأيناه سابقًا من أنواع كيوبيت أخرى، مع إننا ما زلنا
نتحدث عن تكنولوجيا حساسة ومعقدة جدًا هنا؛ وبإنتاج المزيد من البتات الكمية،
ستستطيع إنتل مشاركتها مع باحثين آخرين.
ويضيف "دوايت لوهمان"
بوصفه عضو الفريق التقني في مختبرات سانديا الوطنية (Sandia
National Laboratories) التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية؛ «يتيح
لنا هذا المستوى من التطور الابتكار في عمليات وخوارزميات كمية جديدة في النظام
المتعدد، إضافةً إلى تسريع معدل التعلم في أنظمة الكم القائمة على السيليكون».
تحسين الأداء ومختبرات سانديا الوطنية
كما ويجب أن تكون فرق العمل
(كتلك الموجودة في مختبرات سانديا الوطنية) قادرة على العمل على تحسين أداء وحدات
المعالجة الكمية هذه، وتقليل معدلات الخطأ التي تشكل مشكلة دائمة عندما يتعلق
الأمر بتطوير الحواسيب الكمية؛ وبالتأكيد، لا يتفق الجميع على أن
السيليكون هو الطريق الأمثل نحو الحوسبة الكمية، لكن نتائج أبحاث سابقة قد أظهرت
بأن وضع الحواسيب الكمية بمكونات مستخدمة في الحوسبة التقليدية الكلاسيكية قد يكون
خطوة معقولة عمليًا.
ولربما تكون التوجهات المختلفة
هي تمامًا ما نحتاجه لحل مشكلات الحوسبة الكمية، ما يقود في النهاية لأنظمة قادرة
على مواجهة تحديات الحوسبة الأكبر التي تتفوق بكثير على قدرة الأجهزة الحالية في
التعامل معها؛ ويخبرنا كلارك: «بينما ما زلنا
نواجه تحديات وأسئلة جوهريّة يجب حلها على طول الطريق نحو الوصول إلى حاسوب كمي
قادر على التحمل، فبإمكان المجتمع الأكاديمي الآن استكشاف هذه التكنولوجيا وتسريع
تطوير الأبحاث».
كتبت:
صبا الحسين الحجي
كاتبة
وباحثة في الشأن العلمي والرقمي
نقلًا عن
(أنا أصدق العلم)
أقرأ أيضًا:
لماذا لم يتحول كوكب المشتري إلى نجم؟
إرسال تعليق